المقدمة

إذا كانت غاية خلق الجن والإنس من الخلاق العزيز هي للعبادة في قوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ولما كان الإرشاد للعباد هو الدعوة لعبادة الله وتمهيد الطريق بين العبد وبين المعبود جل وعلا وسلوك الطريق المستقيم الذي يوصل العبد بالله سبحانه وتعالى فإن الإرشاد إذاً الغاية الأسمى من وجودنا في الحياة الدنيا ، يجب علينا القيام بها جميعاً مرشدين وخلفاء ومريدين إضافة إلى أنها فرض عين على كل مسلم ومسلمة ذلك لأن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى هي تكليف لمن كان خير منا من الأنبياء والصالحين ، والمهمة التي قام بها خير قيام من هو خير الخلق ومصباح الظلام سيدنا حضرة المصطفى الأعظم صلى الله تعالى عليه وآله
وسلم ، قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز :
( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هي أحسن  ) ودعوته سبحانه إلى حبيبه المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلى التبليغ ( إرشاد الخلق ) بما أنزل إليه من ربه وتكفله سبحانه من أنه معصوم من الناس وجحودهم وإعراضهم ونفورهم وأذاهم بعد هذا وذاك .

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وإرشادهم لطريق الخير والصلاح هو سبب كل خير وفلاح : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  ) بشر الله سبحانه وتعالى الدعاة والمرشدين بالخير والفلاح ، وأي فلاح هو الذي بشر الله به في الحياة الآخرة بعد الدنيا .

فالمجتمع الناجح الفاضل السليم من كان أفراده ممن يتناهون عن المنكر ويتذاكرون في عمل المعروف ، بل ويوجد منهم من يتخصص في هذه المهمة العظيمة من يكن كل همه وعمله وهدفه هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث يجد فيه السعادة ورضا النفس كالمزارع الذي يشعر بالسعادة عندما يثمر زرعه ويينع فيقطف ثمر ما بذله من مجهود وسهر ونصب في سبيل هذه المهمة .

وليس المطلوب منك أيها المرشد أن تكون أحسن الناس لترشد الناس ، فالكمال للكمّل من عباده ، ولكن أن تكون محباً للمعروف كارهاً للمنكر في نفسك وفي فطرتك التي فطر الله الناس عليها ، وعلى قدر من الاستقامة مستطاع يقول الشافعي رحمه الله :

وأكره من تجارته المعاصي   ولو كنا سوياً في البضاعة فقد روي عن أنس رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله : لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به كله ، ولا ننهى عن المنكر حتى نجتنبه كله ؟ ، فقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : ( بل مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كله ، وانهوا عن المنكر وإن لم تجتنبوه كله  ) ، فالذي لا يقع في ذنب أو معصية هو الكامل ولو كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهمة الكاملين لأصبحت للأنبياء والأولياء والمشايخ الكاملين فقط .