الخلاصة

نختم موضوعنا بخلاصة ما ذكرناه حول أصول الإرشاد في الطريقة على نقاط :

1 – الإرشاد أقدس وظيفة من وظائف المسلم ، فقد بعث الله سبحانه المصطفين الأخيار وهم الأنبياء والرسل بهذه الوظيفة ، يقول حضرة السيد الشيخ السلطان الخليفة محمد المحمد الكسنزان قدس الله سره العظيم
: ( بالإرشاد تفرض الفرائض ) فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .

2 – على الرغم من أن الإرشاد فرض كفاية في الظروف الاعتيادية ، فإنه في يومنا الحاضر لكونه من المسائل المهملة قد أخذ موقع أفرض الفرائض
( فرض عين ) ، فلا يجوز إهماله قطعاً .

3 – من مات مهملاً للإرشاد ، يخشى عليه النفاق ، حيث قد ترك وظيفة جليلة أهم من الفرائض الشخصية وأجزل ثواباً منها .

4 – المجتمع الذي يؤدى فيه الإرشاد في ذمة الله تجاه البلايا السماوية والأرضية ، حتى لو كان الذين يؤدون هذه الوظيفة المقدسة بضعة أشخاص . وبخلافه تنقلب النتيجة أيضاً ، أي قد يهلك الله قوماً لا تؤدى فيهم هذه الوظيفة الجليلة . وما هلاك أقوام منا ببعيد .

5 – تؤدى هذه الوظيفة المقدسة ضمن منهج الأفراد والأمم والدول ، إذ المسلم عنصر أساس في نظام العالم . فكما لا نظام في عالم ليس فيه مسلم ، كذلك لا إرهاب ولا فوضى في المواضع التي يوجد فيها مسلم . وهذا منوط بقيام المسلم بوظيفته وأدائها حق الأداء .

6 – القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، شعار الإيمان . وعزل هذه الوظيفة عن الإيمان غير وارد إطلاقاً . فقد عد القرآن الكريم المؤمنين بعضهم أولياء بعض ، مشيراً إلى العمدة الأساس الذي يديم هذه الولاية . بينما المنافقون ليس بعضهم أولياء بعض ، فهم ينكرون المعروف ويأمرون بالمنكر .

7 – لقد تعهد الله سبحانه بحفظ دينه . بيد أن هذا الحفظ الإلهي مرتبط بهمة المؤمنين والمؤمنات جميعاً وتولّي قسم منهم لنصرة الدين . والإشارة الواضحة لهذه النصرة أداؤهم وظيفة التبليغ بحقها .

8 – العلم والعمل والإرشاد وجوه ثلاثة لحقيقة واحدة ، لا يمكن فك الواحد عن الآخر ، فالعلم شرط أساس للتبليغ والعمل حياته . وقلة العلم لا يمنع من الإرشاد .

9 – ينبغي أن يعرف المرشد حقائق الإسلام معرفة جيدة ، وكذا العصر الذي يعيش فيه ، فمن لا يعرف عصره الذي يعيش فيه يمضي حياته في دهليز، ويحاول سحب الآخرين إليه لأجل تفهيمهم ، وهذه غيرة بائسة .

10 – تنظيم معايير قلب المرشد وفق القرآن الكريم والسنة المطهرة وأقوال حضرة الشيخ وتوجيهاته ، فمن لم ينسق قلبه مع هذه الثوابت يصعب أن يتكلم باسم الإسلام .

11 – الطريقة التي يتبعها المرشد لا بد أن تكون مشروعة ، إذ الوصول إلى هدف مشروع ليس إلا بإتباع طريق مشروع . وهذا هو طريق رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، وليس الطرق التي تسلكها المنظمات التي تبرر كل وسيلة لأجل البلوغ إلى الغاية . فيلزم في الوقت الحاضر أن يسلك المرشدون مسلك الصحابة الكرام فلا يلجون إلى سبل إلا أن تكون مشروعة في كل جزء من جزئياتها . وهؤلاء هم الذين ينصرون الدين ، وينشرونه في الآفاق .

12 – المرشد يحيا بما يقول ، وخلافه النفاق الذي يتجنبه المؤمن كثيراً . فكلمات المرشد تنعكس أولاً في حياته ، وإلا فهو كهشيم المحتضر ، يلتهب ثم يخبو وينطفئ بسرعة .

13 – المرشد يحافظ على تواضعه وإنكاره للذات وهو خلق النجباء الأصلاء . أليس الإيمان هو الأصالة والنجابة بذاتها ؟ لذا يتصرف المرشد تصرف الأصيل كأي مؤمن صادق حتى يجعل هذه الأخلاق سجية وملكة له ، وهي أخلاق الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم .

14 – المرشد يكون مصراً في إرشاده ، وهو تعبير عن توقيره لدعوته ، لذا يعظم ما عظمه الله من المسائل ، وإلا يكون كاذباً فيما يقول .

15 – المرشد لا يعارض قوانين الفطرة ويتصرف دائماً على بصيرة ، فليس صواباً قط التغاضي عما في الإنسان من نواحي الضعف والميل ، بل الأوجب تغيير مجرى هذه النواحي إلى ما هو أجمل وأفضل .

16 – المعاناة قدر المرشد ، لا يتبدل ، وعليه إبداء الرضى في أوائل الطريق ولا يضجر أو ييأس .

17 – المرشد رجل الرحمة والشفقة لا يرد في ذهنه قطعاً التشبث بوسائل الزجر والمخاشنة لإحقاق الحق.

18 – التضحية من أهم خصائص المرشد ، فعليه أن يتصف بصفات الدراويش ، بل من لم يكن منذ نعومة أظفاره على صفة الدراويش ، لا يترك الحياة على صفة المرشد الجيد وهذا يقتضي التضحية قبل كل شيء .

19 – المرشد إنسان متكامل بالدعاء الذي هو أساس الإخلاص .

20 – المرشد إنسان منطقي وواقعي أيضاً ، يوفَّق في الأعمال بمقدار عمله بأسس المنطق .

21 – المرشد شديد الحساسية تجاه إيمان الناس ، يتمزق فؤاده حينما يرى حوادث الكفر والارتداد وعزوف الناس عن الدين .

22 – المرشد يؤدي وظيفته ضمن الشوق والعشق. فلا يمكن أن يوفق إن لم يكن عاشقاً للإرشاد متيماً به يجد لذة وحباً لمهمته فيه .

23 – الإيمان العميق ، أي عمق عالمه الروحي ، صفة لا تنفك عن المرشد ، وهذا يعني بلوغه

اليقين ، ومن بلغ اليقين فقد جهز بالفضائل كلها .

24 – في أثناء قيام المرشد بوظيفته عليه أن يحمل قلباً سليماً معافى ، وروحاً رقيقة نقية ، ولكي يرى الله والرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشيخه ظهيراً له في عمله لا بد أن تكون حياته صافية كصفاء دعوته في الأقل . وهذا لا يتحقق إلا بصفاء القلب وربطه بشيخه دائماً .

وخلاصة القول : يقول حضرة السيد الشيخ السلطان الخليفة محمد المحمد الكسنزان قدس الله سره العظيم في تبيان أهمية الإرشاد ومرتبة المرشد ما نصه : ( إن أجر الإرشاد عظيم يفوق صيام الدهر لأن الإرشاد يؤجر عليه المرشد وشيخ المرشد وشيخه إلى حضرة الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، فالمرشد قرآن ناطق ، والإرشاد رأس التقوى ) .